عنترة بن شداد
عنترة بن شداد العبسي هو شاعر عربي قديم وبطل
شعبي، يُعتبر أحد أبرز الشخصيات في الأدب العربي والتراث العربي القديم. وُلد عنترة
في الجاهلية في منطقة نجد بالجزيرة العربية، حوالي القرن الـ6 الميلادي. عاش في
فترة تاريخية تسبق الإسلام، ولذلك يعتبر جزءًا من التراث العربي الجاهلي.
![]() |
عنترة بن شداد |
عنترة بن شداد بطل وشاعر. يُعرف عنه شجاعته
وقوته في المعارك، وكتابته لقصائد شعرية غزيرة عبّر فيها عن مشاعره وتجاربه
الحياتية. قصائده تتناول قضايا الحب والشجاعة، وغالباً ما تحمل طابع الفخر
والكرامة.
أشهر أعمال عنترة بن شداد هو "المعلقات
السبع"، وهي مجموعة من القصائد السبعة التي تعتبر من بين أروع القصائد في
الأدب العربي القديم. يُعتبر عنترة بن شداد قدوة للشعراء العرب، وتأثيره يظل
حاضرًا في التراث الأدبي والثقافي العربي.
حصول عنترة علي حريته
في إحدى مراتٍ، قرر أبو شداد نفي ابنه عنترة،
ولكن فيما بعد، اعترف به وأقرّ بنسبته. وفي تلك الفترة، كانت العرب تتبع عادةً
تستثني أبناء الإماء، حيث إذا أنجبوا، كان يجب على الأب أن يعترف بهم، وإلا بقوا
عبيدًا.
أما فيما يتعلق بطريقة إلحاقه بنسب أبيه، فقد
أورد ابن الكلبي أنّ سبب ادعاء أبو عنترة له كان أن بعض أحياء العرب هاجموا بني
عبس وأصابوهم، واستولوا على إبلهم. وفي مواجهة هؤلاء العدوان، قاتل عنترة بشجاعة
وكفاءة. وفي تلك المعركة، ناداه أبوه قائلًا: "كرّ يا عنترة". لكن عنترة
رفض الخضوع وقال إن العبد لا يستحق الكرامة، وإنما يستحق الحلب والصر.
وفي ذلك اليوم، أبلى عنترة ببلاءٍ حسنٍ في المعركة، وعلى إثر ذلك، اعترف به والده وأدرجه في نسبه، وبهذا الشكل حصل عنترة على حريته.
أهم صفات عنترة بن شداد
خصائص عنتر بن شداد:
تميز عنتر بن شداد بمجموعة من الصفات الفاخرة،
ومن بينها:
الأنفة والزهد في الغنائم: كان عنتر معروفًا
برفضه التام للمغامرات الدنيوية والابتعاد عن الطمع في المكاسب الحربية. كان يترك
الغنائم للأفراد الأصغر سنًا في قومه.
الحلم والرحمة: كان يتمتع عنتر بالحلم والرحمة
في تعامله مع الآخرين، مما جعله محبوبًا لدى الناس.
السيطرة على الغرائز في المجتمع القبلي: كان
يظهر عنتر قوة الشخصية والتحكم في نفسه، حيث لم يلجأ إلى المتع التي قد تتعارض مع
القيم والتقاليد القبلية. كان يتجنب الإسراف في الشرب ويظهر نبلًا في تصرفاته.
الشجاعة وشدة البأس: كانت شجاعة عنتر لا
تُضاهى، حيث قال عنه النضر بن عمرو بن الهيثم: "أنت أشجعُ العرب
وأشدّه". وأشار عنتر إلى أنه كان يقدم نفسه بقوة عندما كانت الظروف تتطلب
القوة، ويتحفظ عندما تتطلب الحكمة، مظهرًا رزانته وحنكته في اتخاذ القرارات
الحاسمة.
هذه الصفات جمعت بين الشجاعة والحكمة والتضحية،
مما جعل عنتر بن شداد شخصية محترمة ومحبوبة في تاريخ العرب القديم.
كيف مات عنترة
بن شداد ؟
هناك روايات
كثيرة عن موت عنترة بن شداد ونذكر لك في هذا المقال بعض منها :
رواية الزراكلي
تُوفي عنتر بن شداد في عام 600 م، وفقًا لرواية الزركلي، حيث كان يبلغ من العمر 90 عامًا، مما يشير إلى أنه عاش حياة طويلة تمتد من عام 525 إلى 615 م. ورغم وجود روايات حول نهاية حياته، يعتبر النسخ الأكثر احتمالاً هي تلك التي تشير إلى أنه قُتل على يد رجل يُدعى الأسد الرهيص، الملقب بوزر بن جابر بن سدوس النبهاني الطائي.
ويُشير التقارير إلى أن الأسد الرهيص لم يسلم
بالرغم من أدراكه للإسلام، حيث كان يصرخ بأنه لا يرغب في أن تكون رقبته تحت سيطرة
عربي، قائلاً: "لا يملك رقبتي عربي!"، وهو يعبر عن رفضه أن يكون أسيرًا
لعربي. انتهت حياته بعد أن حلق رأسه وتنصّر.
تلك هي إحدى النهايات المحتملة لحياة عنتر بن شداد، والتي أُحاطت بالعديد من الروايات والتساؤلات حول ظروف وفاته.
رواية ابن حبيب
قال ابن حبيب وابن الكلبي وصاحب الأغاني في
سياق رواية ابن شداد: إن عنترة قاد هجومًا على بني نبهان من منطقة طيء، حيث تم
طردهم من موطنهم. وفي هذا السياق، أشاروا إلى أن عنترة كان يتجول وهو يطردهم،
مرددًا:
"حظ بني نبهان منها الأثلب...
كأن آثارها لا تحجب آثار ظُلمان بقاعٍ محدث"
في هذا البيت، وجه عنترة انتقادًا حادًا إلى حظ
بني نبهان، مُشبهًا آثار أقدامهم أثناء المطاردة بآثار أقدام ذكر النعام على الأرض
السهلة.
المطارد الذي أخرجهم من طيء كان زر بن جابر
النبهاني، الذي كان يُلقب بالأسد الرهيص، كما سبق الذكر. رماه بعنف وأمره بقطع
ظهره. وعلى الرغم من إصابة عنترة، إلا أنه تحامل بشجاعة باستخدام رميته، وتمكن من
العودة إلى أهله جريحًا.
رواية ابن الكلبي أيضًا تؤكد على هذا الحدث،
حيث قال: "وكان الذي قتله يُلقّب بالأسد الرهيص، أي الثابت في مكانه، والرهيص
هو الحائط المبني".
هكذا يُسلط الضوء على أحداث مهمة في حياة عنترة بن شداد والتحديات التي واجهها في الميدان العسكري.
الرواية الشعبية المتداوله
في الرواية الشعبيه لمقتل عنترة، اتسمت القصة
بالخيال البارع والسحر، حيث تناولت اللحظات الأخيرة لعنترة بعد أن أُصيب بسهم
مسموم من قبل الرهيص. وفي هذه الرواية، أدرك عنترة قدرته على البقاء أمام الموت،
حيث تخذّ خطة استراتيجية ذكية. بقي جالسًا على صهوة جواده، ومعتمدًا على رمحه ليلتقط
أنفاسه الأخيرة. ثم أمر الجيش بالانسحاب لضمان نجاتهم من الاعداء.
ظل عنترة وحيدًا يحمي ظهر الجيش أثناء فرارهم
أمام العدو، حتى حانت لحظة وفاته. وعندما امتد ثباته فشك العدو في مصيره، أُطلقت
فرسًا تهيجه، فاندلعت حماسة الجواد، وسقط الفارس على الأرض بعد أن قدّم روحه
الجسيمة للدفاع عن شرف قومه.
عنترة بن شداد كان شاعرًا نبيلاً، يتميز بصفات وخصال عديدة، وقد قدّم العديد من الأعمال الفارسية. رغم اختلاف روايات نهايته، يعتبر الأرجح أن زر بن جابر النبهاني، الملقب بالأسد الرهيص، هو الذي قتله، وأسهمت تلك الرواية في خلق قصة ملحمية حول شخصية عنترة بن شداد.